كيف تقوم بـ :
قيام الأشخاص بعمل ميداني في قضايا معقدة شديدة الأهمية بالنسبة لهم أمر إشكالي، لأنهم لا يجلسون خلف مكاتبهم ويقومون بمهام بسيطة من أجل المال فحسب. بعبارة أخرى، هؤلاء يميلون إلى الاندفاع والاستقلال واتباع بوصلة قوية تدلهم على الاتجاه. الخبر الجيد أن الأشخاص، والعمل، يصبحون أكثر إثارة. أما على الجانب السلبي فلديك، كمدير، مهمة شبه مستحيلة. وكل ما تستطيع فعله هو أن تحاول.
يتغير وضعك بشكل جوهري عند تشكيل أو تولي قيادة فريق. والأهم من ذلك، أنت تتحمل كامل المسؤولية، أياً كانت النتائج. لا تُلقِ اللوم على أحد آخر: ضعف أداء شخص ما في فريقك يعني أنك لم توظف الشخص المناسب أو لم توفر البيئة المناسبة، عدم تحقيق أهدافك يعني أنك لم تقم بإدارة المشروع على النحو الأمثل، وفي حال قيام شخص ما بتصرف أحمق، فالأمر يعود لك لإصلاحه، وهلمَّ جراً. لا تكن المدير الذي يتخلى عن المسؤولية، ويتخذ من الظروف العسيرة عذراً له، ويحتمي خلف الإجراءات، ويلقي باللوم على الآخرين. تحمل المسؤولية كي تساعد موظفيك وتكسب احترامهم.
يجب أيضاً أن تتخلى عن استقلاليتك في العمل. إدارة فريق من الزملاء، في مجال الإنتاج الفكري المليء بالتحديات، هو عمل نابع عن حب: إذا لم تكن مهتماً بحق بمشاكل الآخرين، فالأمر لا يستحق العناء! ستعثر على معظم الحلول عبر التعرف على الموظفين بشكل أفضل وبناء الثقة واختبار الأفكار المتفق عليها بشكل متبادل. هذا يعني، بالطبع، تكريس وقت تقضيه مع الفريق، وجهاً لوجه. ولا يتعين على المدراء أن يكوّنوا صداقات مع فريقهم، ولكن عليهم قضاء وقت كافٍ للتحدث معهم جميعاً، وغالباً فيما يتعلق بالآراء الشخصية أو القضايا التي ستؤثر حتماً على مكان العمل.
طبعاً يعني ذلك أنه، لتجنب العمل لساعات لا نهاية لها، يجب أن تكون أنت أكثر إنتاجية من الآخرين، وأن تتعلم التفويض وتوزيع المهام. للقيام بذلك، هناك بعض الأمور التي يجب أخذها بعين الاعتبار.
يتغير وضعك بشكل جوهري عند تشكيل أو تولي قيادة فريق
أن تحافظ على الوضوح أمر بالغ الأهمية بالتأكيد، لكنه صعب إذا كنت مرهقاً، وهو بالضبط الوقت الذي تكون فيه بحاجة ماسة إلى حسن التواصل. يجب أن تكون دقيقاً وشفافاً على معظم الجبهات: أهدافك، ومساهماتك، المشاركات التي تتوقعها من الآخرين، وتوزيع المهام، والصعوبات التي قد تواجهها المنظمة أو الفريق، والمشاكل الفردية التي قد تؤثر على المجموعة. أمعن التفكير وادرس تحركاتك قدر الإمكان، ولا سيما في القضايا الحساسة. وكقاعدة أساسية، لا ينبغي أن تفاجئ فريقك بأي شيء سلبي. بعبارة أخرى، شارك واشرح وكرّر. من الأخطاء المتكررة افتراض أنه بمجرد ذكر أمر ما فقد تم سماعه وفهمه واتخاذ إجراءات بشأنه.
ووفقاً للسابق، لا فائدة تجنى من قيادة الفريق كالرقيب أو موجه المدرسة أو الأستاذ الروحي. لا يمكنك تمرين فريقك بشكل عسكري على فعل الصواب، ولا معاملة الموظفين كطلاب، ومن السذاجة أن تطمح إلى أن تصبح شخصية ملهمة (قد يحدث هذا رغم ذلك، ولكن فقط حين تتوقف عن المحاولة والتحدث بتلك الطريقة). بدلاً من ذلك، يؤدي التفويض وتوزيع المهام لإشعار الموظفين بالمسؤولية، ولاستيعابهم ما يجب القيام به، ومنحهم الثقة الكافية لطرح مبادرات. وكما سبق، يساعد الحفاظ على الوضوح في تحقيق هذا الواقع.
وعليك أن تعرف أن الإصغاء مسألة حاسمة. فلتحقيق النجاح، عليك خلق بيئة تساعد الموظفين على التعبير عن رؤيتهم الخاصة لإنجاز مهامهم، والإبلاغ عن المشاكل المحتملة، ومشاركة المخاوف، وطلب المشورة والمعلومات الإضافية، وتحديد المواعيد النهائية أو المطالبة بها، وغير ذلك. وعندها، تنتقل إلى مساعدة الموظفين على القيام بالمزيد بأنفسهم من أجل أنفسهم، بدلاً من مواكبتهم في كل خطوة، أو ما هو أسوأ من ذلك، قيامك أنت بالمهام.
وللانتقال من قيادة وصفية إلى قيادة داعمة، تحتاج إلى أمرين آخرين. الأول تحفيز الموظفين، إذ على المدير السعي إلى التحفيز وتسخيره. لا ينبغي خلقه من العدم، فالاستمرار بدفع فريقك للحفاظ على الاندفاع يعني محاولة تعويض عما يجب أن يكون موجوداً في المقام الأول، ويعني إرهاقاً زائداً دون نتائج. يعني ذلك أنه يجب تأسيس هذه البيئة منذ لحظة التوظيف، وذلك باستثمار الوقت اللازم للعثور على أعضاء فريق يتمتعون بالمؤهلات الصحيحة، بالإضافة إلى النظرة المستقبلية والطبيعة المناسبة للعب الدور المطلوب منهم أيضاً.
والأمر الثاني هو إنشاء «الهيكلية» الصحيحة. يتحرر الموظفون ويبادرون أكثر ضمن إطار معين، والذي يجب أن يكون مطمئناً وليس قمعياً. قد تكون الإجراءات الرسمية الكثيرة فعالة في بيئة عمل مصنع، لكن الأمر يختلف في مجال الإنتاج الفكري. بالمقابل، البيئة المفتقدة للهيكل ستُغرق من يعملون فيها بسرعة. لذلك يجب إيجاد التوازن المناسب للتقارير المطلوبة والاجتماعات المجدولة والتقييمات الفردية بشكل متناسق وجماعي. ومن الممكن استخدام أدوات وتطبيقات إدارة المشاريع كجزء من المزيج، استناداً إلى التجربة والخطأ.
لا غنى عن الاستقامة لبناء الثقة والحفاظ عليها
لا شيء مما سبق يضمن النجاح الأكيد. ببساطة لا يكتب لبعض علاقات العمل النجاح. ولكن تعد كل واحدة منها استثماراً كبيراً في الوقت والموارد. بالنسبة للموظف، يتعلق الأمر أيضاً بالمخاطرة الشخصية وقبول المشاركة العاطفية. لذلك وتبعاً لما سبق، من الضروري مواجهة القضايا الناشئة أثناء ظهورها. عادةً، تعطي العلاقة التي لن تنجح علامات مبكرة. وغالباً ما تصبح المشكلات التي تُترك دون معالجة أكثر ضرراً وترسخاً. وفي الوقت نفسه، من السهل جداً أن يغرق المدير في أكثر الأمور المستعجلة، الأمر الذي يمنعه يوماً بعد آخر من معالجة المسائل الشائكة المتعلقة بالموظفين والتي تربك الجميع وتضعف من الأداء الفعال.
لكن هنا تماماً تكمن النقطة الأساسية: علاقات العمل الضعيفة مدمرة للجميع، وتستنزف ثقة الموظف في نفسه، وتحد من تقدم الفريق وتقلق المدير وتؤذي المنظمة، وتمثل في الواقع فشلاً جماعياً ولا بد من التعامل معها على هذا النحو. مرة أخرى، لا داعي لإلقاء اللوم على الموظف: كمدير، أنت اتخذت قرار التعيين وقمت بالتدريب والتوظيف وتوفير النصائح. ومن واجبك إنهاء هذه العلاقات بالأسلوب المناسب. ولا يمكنك القيام بذلك إلا عبر مناقشة المشكلات عند نشوئها والتوصل، ما أمكن، إلى تفاهم متبادل حول الأخطاء الجارية ولماذا لا يمكن حلها بطريقة أخرى. وهنا بالتحديد أكثر من أي مكان آخر، لا ينبغي أن يكون هناك مفاجأة مزعجة لأحد.
لا غنى عن الاستقامة لبناء الثقة والحفاظ عليها. المدراء والموظفون يميلون إلى القلق والخوف أكثر من اللازم. على الرغم من الاستثناءات التي نضطر إلى تحملها من وقت لآخر، معظمنا يعمل بجد وحسن نية عند توفر بيئة العمل المناسبة. والشيء الرائع في كونك مديراً أن لديك كامل الحرية لإنشاء البيئة والجو الذي يساعد الأشخاص على الإنتاج. لذا قدم أفضل ما عندك!
9 كانون الثاني/ يناير2017