كيف تقوم بـ:
لكل مقابلة، مهما كبرت أهميتها أو صغرت، رنة موسيقية خاصة؛ فالوتيرة تتغير، وقد يشهد الحديث نبرات مختلفة، لكن الحوار الجيد هو ذاك الذي لا يفقد إيقاعه أبداً، وتتجاوب فيه العبارات بتناغم. وحتى الجدل المحتدم، أو المفاوضات العسيرة، قد تغدو تجربة ممتعة ومرضية، عندما يحقق نوعاً من التوزيع الأوركسترالي توافقاً وتناغماً بين الأشخاص الذين يعزفون على أوتار مختلفة. جيزيل خوري، مضيفة برامج حوارية معروفة، أجرت مقابلات مع مئات من السياسيين والشخصيات الأخرى، وقد انتقلت في الآونة الأخيرة لتقدم برنامج حواري على شاشة بي بي سي العربية. في مقابلاتها، تتطرق خوري إلى موضوعات شائكة متسلحة بأذن مرهفة لما تسميه "نغم" الحوار.
جيزيل، ما الذي يعطي الإيقاعية هذه الأهمية؟ وكيف يساعد ذلك المضيف على إقناع الضيف في أن يكون أكثر انفتاحاً مما قد يكون عليه في حوار صاخب ينقصه التناغم؟
أعتقد أن المقابلة، بطبيعتها، عرض يهدف إلى تقديم المعلومة والترفيه على حد السواء. وقد يضعف مستوى "الأداء"، وهي الكلمة التي غالباً ما نستخدمها هنا، أو يزداد قوة في لحظة معينة. إجراء مقابلة أمر يشبه تقديم مسرحية أو حفل موسيقي، حيث تشعر، في بعض الأحيان، أن أداءك يتراجع وطاقتك تنفذ، ولا يبقى من سبيل أمامك سوى تكثيف جهدك حتى يزداد تركيزك. وصحيح أنك تجري المقابلات، سواء التلفزيونية منها أم الإذاعية، دون جمهور أمامك، غير أنك تكافح للاستحواذ على اهتمامه والإبقاء عليه؛ فتدخل في تحدٍ مع جهاز التحكم.
إيجاد النغمة والإيقاع المناسبين يتعلقان أيضاً بتحريك وتلطيف الأجواء بينك وبين ضيفك. وإذا ما أردت بالفعل الحصول على ما هو مثير للاهتمام، فعليك استخدام الدبلوماسية، وإبداء التعطش للمعرفة، وممارسة مزيد من التأثير الشخصي، وطرح مزيج من الأسئلة السهلة والصعبة، والتنقل من نبرة إلى أخرى استجابة لردود فعل ضيفك. ألا يشبه ذلك تأليف مقطوعة موسيقية؟
ما هي الأدوات التي يمكنك استخدامها لخلق ذاك التناغم الموسيقي الذي ترمين إليه؟
أستند كثيراً إلى علم النفس. على سبيل المثال، بمقدوري الإحساس بتلك اللحظة التي أكون قد تماديت عندها كثيراً مع ضيفي، وهي لحظة يغدو من الطبيعي بعدها أن يرتفع جدار بين أسئلتي والإجابات التي أسعى وراءها. وفي حالة كهذه، يتحتم عليَّ إيجاد مدخل آخر، أو هدم الجدار بأسئلة أخف وطأة ونهج أكثر إغراء.
كيف تستعدين وتهيئين نفسك للحوار ولتحقيق أقصى نجاح ممكن في المقابلة؟
بداية، لابدَّ وأن أشير إلى أهمية وضرورة عدم حدوث مفاجآت على شاشة التلفاز. ولهذا، يتوجب عليَّ أن أكون مستعدة تماماً: أدرس القضايا، وأفكر ملياً في أسئلتي وأتدرب عليها، وأتوقع الإجابات المحتملة، وبالطبع، أبقي دوماً على الوثائق المهمة في متناول يدي؛ فطرح مزاعم مثيرة للجدل دون أن تتمكن من دعمها بالمستندات على الفور، خطأ جسيم.
إضافة إلى ذلك، هناك روتيني وعاداتي الخاصة: قبل إجراء مقابلة مهمة، أحرص أن أحصل على قدر كافٍ من النوم، وأتناول طعاماً خفيفاً، وأحافظ على طاقتي، كما أحتاج إلى عشر دقائق من الصمت للتركيز قبل أن أبدأ البث المباشر. والأهم من ذلك كله، لوح الشوكولاتة الداكنة، فتناوله عظيم الفائدة.
14 كانون أول/ديسمبر 2016
Iتم استخدام الصور من: Cantado by ArtTower on Pixabay