مهارات التواصل
إدارة ندوة حوارية
كيف تقوم
بـ:
- إدارة حوارات غنية بالمعلومات
- التحضير لندوة حوارية شيقة والإشراف عليها
إذا ما كنا صادقين مع أنفسنا، لاعترفنا بأن كثيراً من المؤتمرات التي نحضُرها تخيب آمالنا، إن لم تشعرنا بالملل الشديد. غالباً ما يكون موضوع المؤتمر مثيراً للاهتمام، والمتحدثون فيه من ذوي المؤهلات، ومكان انعقاده جذاباً، والحضور متحمّساً؛ أضف إلى ذلك الكم الهائل من الجهد الذي يُبذل والمال الذي يُنفق لإقامة هذه المؤتمرات. فكيف إذن تأتي النتيجة مخيبة للآمال؟ إن السبب الرئيس لذلك هو غياب ما يمكن تسميته بسيناريو الندوة، أو التنظيم، أو تصميم أداء المشاركين. إننا لا نحضُر مؤتمراً لنسمع محاضرةً وحسب، بل للمشاركة والاستمتاع أيضاً. ولذا، فإن أي مؤتمرٍ هو بمثابة أداءٍ يتطلب مهارةً في الإعداد والتحضير.
الندوة المثالية هي تلك التي تتبع هيكل السرد القصصي
والشخص الرئيس في هذا الصدد هو مدير الندوة، ومهمته تقديم المشاركين إلى الحضور وتنظيم النقاش. وإذا ما دُعيتَ لتولي هذا الدور، لا تقلق بشأن تقديم عرض جيّد، لأن مهمّتك تكمن في جعل الآخرين يقدّمون أفضل ما لديهم. ولا ريب أنك ستعمل ضمن شبكةٍ من القيود، من قبيل جاذبية موضوع النقاش، وصيغة الفعالية وتوقيتها، ومزاج المتحدثين وما إلى ذلك. غير أن ثمة نصائح وحيل من شأنها تحسين أسوأ الأداء.
ومن أكثر الأساليب المتبعة في إدارة جلسات النقاش شيوعاً هو استخدام أحد الخطط المرجعية المفيدة، وتبدأ الخطة بالتعريف بالمتحدثين في الجلسة، ثم تركهم يقدمون مداخلاتهم، ثم تتيح المجال أمام الحضور للإدلاء بالتعليقات وطرح الأسئلة. ومن أسوأ الممارسات الشائعة هو تقديم سيرٍ شخصيةٍ طويلةٍ ورسميةٍ، وأن يقرأ المتحدثون من ورقةٍ مملةٍ فيطيلون في الحديث، أو انتهاز بعض المستمعين الفرصةَ المتاحة عند طرح الأسئلة ليستأثروا بالحديث كما لو كانوا من المشاركين في الجلسة. ولا شك أن سيناريو كهذا سيؤدي إلى خسارتك اهتمام غالبية الحضور الذي سيدفع به الضجر إلى تصفّح بريده الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.ولذا فإن أهم ما في إدارة النقاش هو جعل الأمور شائقة للحضور والمشاركين، ولك أنت. ولتحقيق ذلك، يمكنك استخدام مجموعة متنوعة من الأدوات:
- حدّد السؤال. عادةً ما تكون عناوين المؤتمرات وجداول أعمالها صريحةً وواضحةً أكثر من كونها معقدة. فكّر ملياً فيما يثير الاهتمام بموضوع النقاش، وحوّل أجوبتك إلى ملاحظاتٍ تمهيديةٍ موجزةٍ هدفها إثارة فضول الحضور. لا يتوجب عليك أن تكون خبيراً، ولا أن تسهب في حديثك، بل اترك للمتحدثين مهمة تقديم فحوى النقاش وجوهره.
- قدِّم شخصياتك. ثمّة سببٌ وجيهٌ لوجود المتحدثين في الجلسة، وما ذاك لأنهم حصلوا على درجة دكتوراه عام 1978. اقرأ عنهم، وقابلهم قبل الندوة إن أمكن، واجعل تعريفك بهم مقتصراً على الأسباب التي تجعلهم جزءاً من المتحدثين، واعلم أن كل ما يريد الجمهور معرفته هو سبب أهمية الإنصات إلى هؤلاء الناس.
- وجّه النقاش. إن الجلسة المثالية هي تلك التي تغطّي فيها سلسلةٌ من المداخلات الحيّة جميعَ الجوانب الرئيسة للقضية المطروحة، على نحوٍ موجز ومقنع. يتلخص دور مدير الجلسة في الوصول إلى هذه النتيجة، مع البقاء في الظلّ قدر الإمكان. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التحدث إلى المشاركين قبل الجلسة لتأطير مداخلاتهم وتضييق نطاقها، وللاتفاق على النقاط المحددة التي سيناقشونها؛ كما يمكن تحقيق ذلك من خلال طرح أسئلةٍ محددةٍ على المتحدثين بدلاً من تركهم يتحدثون إلى ما لا نهاية؛ والانتقال من متحدث إلى آخر إن كانت صيغة الجلسة تسمح بذلك بغية إضفاء بعض الزخم على الجلسة؛ وإبقاء هيكل "الأداء" العام في ذهنك طيلة الجلسة فيما يتعلق بتخصيص الوقت وتحديد النقاط التي يجب مناقشتها. وبهذه الطريقة، ومع الممارسة، ستخلق "إيقاعاً" محدداً وسيكون بإمكانك الحفاظ عليه.
- افرض الانضباط. إن من أبرز مهام مديري الجلسات هي إدارة الوقت، وهي مسؤولية غالباً ما يتهربون منها. يجب عليك وضع قواعد واضحةً للعبة. على سبيل المثال، السماح للمتحدثين بالتحدث لمدة عشر دقائق والاكتفاء بعد ذلك بالرد على سؤالين محددين من أسئلة الحضور. ومن ثم يتعين عليك تطبيق القواعد التالية: إذا رأيت أن أحد المتحدثين يوشك على تجاوز الوقت المخصص له، انتبه إلى ذلك وتصرّف بسرعة. وابدأ باستخدام الإشارات التقليدية التي بين يديك، كأن تلفت نظر المتحدث إلى ملاحظة كُتب عليها "تبقّى دقيقتان"؛ أو أن تغيّر من طريقة جلوسك على مقعدك وأن تبدأ بالتحرّك بتململ؛ أو أن تتنحنح أمام الميكروفون أو تنقر بإصبعك عليه؛ وإذا لم يجدِ كل ذلك نفعاً، يمكنك عندئذ التدخل لإيقافه بتأدب، ولكن بحزم. كما يمكنك القيام بذلك بكياسةٍ بالثناء على مداخلته؛ أو التأكيد على بعض النقاط الأساسية التي جاء بها؛ أو أن تطرح سؤالاً ضيقاً جداً بحيث لا تترك له مجالاً للاستفاضة (مثلاً: "في ختام المداخلة، إذا كان ثمة فكرة أساسية ترغب في تذكير الحضور بها، فما هي؟") أو ببساطة الانتقال بخفّة إلى المداخلة التالية. وتنطبق المبادئ ذاتها، ولكن على نحو أكثر صرامةً، على مداخلات الحضور. سيبقى احترام الآخرين لصرامتك مشروطاً بأن تجعل من نفسك قدوةً للانضباط الذاتي، وافرض قواعد اللعبة بالإبقاء على مشاركاتك موجزةً وفي صلب الموضوع.
سيكون الحضور ممتنين للأداء الذي يفخر به المتحدثون
- اختِم. لا بد لكل أمر جيدٍ من نهاية، وإلا لن يظل جيداً. ولذا لا تدع الجلسة تنتهي على نحوٍ فوضويٍ، واجعلها تبلغ الذروة بأن تختمها بملخصٍ سريعٍ وذكيٍ يبدي الامتنان للمتحدثين ويضيف قيمةً إلى ما قالوه، أو اختمها بمزحةٍ، أو شكرٍ خالصٍ مع التصفيق، أو أي شكلٍ آخر من أشكال الختام يناسب طبيعة الفعالية وأسلوبك.
إن الجلسة الناجحة هي تلك التي تتبع الهيكل التقليدي في السرد القصصي، إذ تتألف من افتتاحية تحفز انتباه الجمهور، ومجموعة من الشخصيات، وأحداث متسلسلة تبلغ ذروتها ثم تنتهي بسرعة. ولهذا السبب تبدو بعض الجلسات شائقةً أكثر من غيرها، ولهذا السبب أيضاً سيسامحك الآخرون على صرامتك معهم، فالمؤتمر ناجح التنظيم هو أداءٌ يفخر به المشاركون ويجعل الحضور ممتنين لحضوره. وليس لزاماً أن يكون مؤتمراً مثالياً، فجميعنا قد حضر مؤتمراتٍ بائسةٍ بما يكفي لنقدّر جهودك ونسعد بها.
12 كانون الثاني/يناير 2018
تم استخدام الصور بموجب رخصة المشاع الابداعي من: